بقلم علي خيرالله شريف
بعد أن عادت جحافل رئيس الحكومة من موقعة الصخرة مهزومة، ونكَّست أعلامها واكتأبت دبلوماسيتُها العاشقة للمشايخ والأمراء والسفراء، يمكن لنا إلقاء نظرة سريعة على تلك المعركة البطولية التي خاضها دولتُه. فَبِرَغمِ المليون مصيبة التي تُغرِقُ لبنان، لم يكن لرئيس الحكومة هَمٌّ سوى قضية منع إضاءة صخرة الروشة بصورة السيد حسن نصر-ال-له وتقليص عدد المتجمعين للاحتفال بمناسبة الذكرى الأولى لاستشهاده، مع أن القانون اللبناني لا يمنع هكذا نشاط، فقط يتطلب القيام به إعلام المحافظة دون انتظار موافقتها. ولطالما أُضيئت هذه الصخرة بأعلام الدُول وصور الملوك وأولياء العهد والأمراء والمشايخ، وحتى بأعمال الهواة من اللبنانيين. وكأنَّ حكومة السيد نواف سلام الفاشلة في كل شيء، تبحثُ عن انتصارٍ واحد تُسَجِّلهُ لنفسها ولو على ظهر صخرة. لم تتوقف الأمور هنا، بل كانت ركاكة موقفها بمثابة الدليل القاطع على قصر نظر رئيسها وبعض وزرائها، وعلى ضعف إمكانياتهم العقلية والشعبية، وإمكانيات مستشاريهم. فلو كانوا أخذوا المسألة بروحٍ وطنية قانونية، لما أخذت هذه الضجة الـمُفتعلة التي وتَّرَت أجواء البلد وأفسحت المجال أمام الـمُصطادين في الماء العكر.
مرَّ يومُ الإضاءة بسلام بفضل حكمة الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، وحكمة جماهير السيد الشهيد(من كل الطوائف). للأسف لم يمر في تاريخ الحكومات اللبنانية وغير اللبنانية، حكومة تعتمد المناطحة مع شعبها بهذا الشكل الذي تصرَّفَ به "القاضي الدولي" نواف سلام. فهو يوقع نفسه كل مرة في ورطة أكبر من سابقتها؛ يتعنتر على نغمة من يُحَرِّضه من رواد الفتنة، ويرقُصُ على شعوذات الحكماء الـمُزَيَّفين من أصحاب السوابق، فَسَلَّمَ نفسه لغرائزهم لدرجة أنه يردد عباراتهم، ويهلوس بترهاتهم ويتوهم ضخامة صورته في المرآة كلما أوهموه أنه أول رئيس سوبرمان للحكومة. حتى أنه وضع نفسه بمواجهة الجيش والقوى الأمنية، بتحريضٍ منهم ومن حفنة من النواب والغوغائيين من أتباعهم، لأن الجيش والقوى الأمنية رفضوا أوامرهم بضرب الشعب. لقد كانت المعادلة عند سلام وعند محرضيه، إما أن يتصرف الجيش كما يشتهون، وإما يسقطونه من الحقوق المدنية. وتاريخ هؤلاء يشهد لهم أنهم أول من حارب الجيش واغتال جنوده وضباطه. وحالياً يصدرون البيانات دون توقف ويجعجعون ليل نهار بالتنظير لتأييد نواف سلام. وهذا يدل على عقم التربية الوطنية لديهم وعلى رداءة مستوى تفكيرهم وسوء تعاطيهم بالشأن العام.
أما بعد مرور المناسبة على خير وإفشال حكم التعسف والعناد، فقد بات من الضروري إسقاط نواف سلام وأخذ العبر من مخاطر تسميته لتشكيل الحكومك. فمع علمنا أن التسمية الحقيقية له أتت من الخارج، وأن حكومته لن تسقط إلا بعد الانتخابات النيابية، يجب إطلاق صرخة نخبوية وشعبية تعبر عن ضمير الوطن المتألم، وتمنع تكرار العربدة بمصيره. وهذه الصرخة يجب أن تكون في صناديق الاقتراع، حيث يجب على كل لبناني عنده ذرة وطنية، من كل الطوائف، أن يحسن اختيار ممثليه. والممثلون الحقيقيون للشعب في المجلس النيابي، يجب أن يكونوا بعيدين عن التحريض الطائفي وعن الفتنة وعن التمييز العنصري. نحن نخاطب الحس الوطني، ونخاطب الحس السيادي الحقيقي وليس المزيف والمرتبط بالإملاءات الخارجية.
مساء الخميس 2 تشرين الأول 2025